لطالما سمعنا عن “أستراليا” في كتب الجغرافيا. فمن المعروف أنه توجد حيوانات نادرة لا يمكن مشاهدتها في الطبيعة إلا في هذه القارة العجيبة. حيوان الكنغر، والكوالا، وشيطان تسمانيا أمثلة على تلك الحيوانات النادرة. أو ربما سمعت عن أستراليا من أخبار هجوم أسماك القرش على لاعبي رياضة ركوب الأمواج، يا للرعب. أو ربما سمعت عن الحيد المرجاني العظيم، والذي يعتبر أكبر حيّد طبيعي على وجه الأرض، والذي يقع في سواحل شمال أستراليا.
أيا كان ما سمعته عن هذه القارة، هل سألت نفسك يوما ما هو سبب تسمية أستراليا بهذا الاسم؟ أو كيف كانت الحياة هناك قبل أن تطأها أرجل المستعمر الأوروبي؟ كيف تطورت أستراليا لتصبح دولة حديثة و مستقلة؟ وما هو حال التعليم الجامعي فيها للطلبة الدوليين؟ ما هي الخطوات المطلوبة للدراسة هناك كطالب دولي؟ بدون أدنى شك، تعتبر أستراليا دولة متقدمة. بناء على ذلك، مؤسسات الدولة التعليمية جاذبة لكثير من الطلبة الدوليين حول العالم. هناك الكثير من الأسئلة حول أستراليا. لذا، في هذا المقال سنقوم باستكشاف أستراليا لكي يمكنك أن تحدد إن كانت مكان يناسبك لخوض تجربة الدراسة في الخارج!
ما سبب تسمية أستراليا بهذا الاسم؟
في العصور القديمة، كان الجغرافيون يؤمنون بوجود قارة جنوبية كبيرة تُوازي بالحجم القارات الشمالية، وأطلقوا عليها اسم “Terra Australis Incognita”، أي باللاتينية “الأرض الجنوبية المجهولة”. ظهرت فكرة القارة الجنوبية المجهولة في الخرائط الأوروبية منذ العصر القديم وحتى العصور الوسطى، رغم أن المستكشفين والبحارة لم يكونوا قد اكتشفوا قارة أستراليا بعد. في بدايات القرن السابع عشر (وتحديدا بين العامين 1605 و 1606)، كان المستكشف الهولندي ويليم جانزون (Willem Janszoon) قد أصبح أول أوروبي معروف يصل إلى ساحل أستراليا الشمالي. أبحر هذا المستكشف الهولندي بسفينته المسماة Duyfken إلى الساحل الغربي لشبه جزيرة كيب يورك الواقعة شمال استراليا. وأطلق ويليم على هذه الأرض اسم “نيو هولاند” (New Holland)، وهو الاسم الذي استخدمه الهولنديون لاحقًا للإشارة إلى معظم القارة الاسترالية. ومن عجائب القدر أن سكان أستراليا كانوا سيتحدثون اللغة الهولندية بدلا من اللغة الانجليزية لولا أن الهولنديون قاموا بخطأ فادح وهو أنهم لم يهتموا بإنشاء مستعمرات، واكتفوا برسم الخرائط لشمال وغرب استراليا. في القرن التالي، استغل الانجليز خطأ الهولنديون وقاموا برحلاتهم الاستكشافية بنية إقامة مستعمرات وتوسيع امبراطوريتهم.
إذن، كيف كانت الحياة في أستراليا قبل أن يطأها الإنجليز؟
قبل وصول الإنجليز، كانت أستراليا موطنًا للسكان الأصليين أو الأبوريجيون (Aboriginal Peoples) الذين عاشوا هناك لأكثر من 65,000 عام، وشكلوا واحدة من أقدم الثقافات المستمرة على وجه الأرض. عاش السكان الأصليون حياة تعتمد على الصيد وجمع الثمار، مع ممارسات زراعية بدائية، مثل زراعة النباتات واستخدام أنظمة مائية لصيد الأسماك. كانت حياتهم قائمة على التكيف مع البيئة واحترام الأرض التي اعتبروها مقدسة وليست ملكية شخصية. نظامهم الاجتماعي كان منظمًا بقوانين غير مكتوبة تُنقل شفهيًا عبر الأجيال، وشملت تقاليد روحانية مرتبطة بـ”عصر الأحلام”، الذي يروي قصص الخلق وعلاقة الإنسان بالطبيعة. كما كان لديهم فنون غنية مثل الرسومات الصخرية التي عبروا بها عن ثقافتهم وأساطيرهم. عاشوا في تناغم مع الطبيعة، مستخدمين النار لإدارة الأراضي وتعزيز نمو النباتات، مما ساهم في الحفاظ على التنوع البيئي. ورغم تحديات مثل الجفاف ومواسم الصيد غير المنتظمة، تمكن السكان الأصليون من تحقيق استدامة بيئية وحياتية على مدى آلاف السنين، حتى تغيرت حياتهم جذريًا مع وصول المستعمرين الإنجليز.
ولقد كان الكابتن الإنجليزي الأول الذي وصل إلى أستراليا يدعى جيمس كوك عام 1770 خلال رحلته على متن سفينة إنديفور. كانت مهمته الرسمية مراقبة عبور كوكب الزهرة، لكن الهدف السري كان استكشاف “الجنوب الكبير”. وصل كوك إلى خليج بوتاني على الساحل الشرقي لأستراليا، حيث أعلن المنطقة ملكًا للتاج البريطاني وأطلق عليها اسم “نيو ساوث ويلز”.
واجه المستعمرون الجدد السكان الأصليون، واتسمت العلاقة بين الطرفين بالتوتر بسبب اختلاف الثقافات وفهمهم للأرض. وأثناء رحلة المستكشف كوك، اصطدمت السفينة بالشعاب المرجانية العظيمة التي تحيط استراليا وكادت تغرق، لكن طاقمه تمكن من إصلاحها واستكمال الاستكشاف. اشتهرت رحلته بالدقة في رسم الخرائط والتوثيق، مما مهد الطريق للاستعمار البريطاني اللاحق.
كيف تطورت أستراليا مع الوقت لتصبح دولة مستقلة وحديثة؟
قد يخفى على الكثير أن أستراليا في الواقع بدأت كوجهة لنفي المجرمين البريطانيين، حيث أسست الامبراطورية البريطانية أول مستعمرة عقابية في 1788 بخليج سيدني بقيادة الكابتن آرثر فيليب. استمر تدفق المحكوم عليهم لسنوات، مما ساهم في بناء البنية التحتية الأساسية. في منتصف القرن التاسع عشر أي 1850، أدى اكتشاف الذهب إلى جذب موجات من المهاجرين وتعزيز النمو الاقتصادي. وبحلول عام 1901، توحدت المستعمرات البريطانية الستة لتشكيل الكومنويلث الأسترالي، و بدأت البلاد رحلتها نحو الاستقلال تدريجيا. ومع قوانين مثل قانون ويستمنستر 1931 وقانون أستراليا 1986، أصبحت أستراليا دولة مستقلة تمامًا. تطورت إلى ديمقراطية حديثة تجمع بين إرثها الاستعماري وثقافات السكان الأصليين، وتتميز باقتصاد قوي قائم على الموارد الطبيعية والزراعة.
كيف هو وضع التعليم الجامعي في أستراليا للطلبة الدوليين المهتمين؟
التعليم الجامعي في أستراليا يُعتبر من بين الأفضل عالميًا، حيث تضم القارة العديد من الجامعات المصنفة عالميًا مثل جامعة ملبورن والجامعة الوطنية الأسترالية. تُقدم جامعات أستراليا بيئة تعليمية متقدمة وجامعات مجهزة بمرافق حديثة ومناهج تعتمد على البحث العلمي، كما تُعد أستراليا وجهة مثالية للطلاب الدوليين القادرين على تحمل تكاليف معيشتها وذلك بفضل البرامج المتنوعة في تخصصات مثل الهندسة، الطب، العلوم البيئية، إدارة الأعمال، وتكنولوجيا المعلومات.
بالإضافة، فإن الحكومة الأسترالية تدعم الطلاب الدوليين من خلال منح دراسية مثل منح أستراليا الدراسية وبرنامج Endeavour Leadership Program. كما أن تأشيرات الدراسة تتيح فرصًا للعمل بدوام جزئي أثناء الدراسة، مما يساعد الطلاب في تغطية بعض النفقات. نود أن نشير أن أحد عيوب الدراسة في استراليا هو أن تكلفة الدراسة والمعيشة تُعتبر مرتفعة نسبيًا، لكن جودة التعليم وفرص العمل بعد التخرج تعوض هذه التكلفة. أستراليا تُوفر بيئة آمنة ومتنوعة ثقافيًا، وهذا ما يجعلها خيارًا جذابًا للطلاب من جميع أنحاء العالم.
ما هي خطوات الحصول على قبول جامعي من أستراليا؟ مع التكاليف؟
للحصول على قبول جامعي من جامعة أسترالية كطالب دولي، إليك الخطوات مع ذكر التكاليف بالدولار الأمريكي:
١. اختيار التخصص والجامعة:
اختر التخصص والجامعة المناسبة لك. تختلف الرسوم الدراسية حسب الجامعة والتخصص
تكلفة الدراسة السنوية:
- البكالوريوس: بين 13,000 إلى 30,000 دولار أمريكي سنويًا.
- الدراسات العليا: بين 14,000 إلى 33,000 دولار أمريكي سنويًا.
٢. التحقق من متطلبات القبول:
تحقق من متطلبات القبول الأكاديمية ومتطلبات اللغة الإنجليزية (مثل اختبارات IELTS أو TOEFL).
تكلفة اختبارات اللغة:
- IELTS: حوالي 260 دولار أمريكي.
- TOEFL: حوالي 190-260 دولار أمريكي.
٣. إعداد الوثائق المطلوبة:
جهّز المستندات مثل:
- الشهادات الأكاديمية المترجمة والمصدقة (تكلفة الترجمة والتصديق تختلف حسب البلد).
- جواز السفر الساري.
- رسالة الدافع وخطابات التوصية.
٤. تقديم الطلب:
- قدم طلبك من خلال موقع الجامعة أو عبر وكيل معتمد.
- رسوم تقديم الطلب: تتراوح بين 30 إلى 100 دولار أمريكي حسب الجامعة.
- بعض الجامعات تقدم إعفاءً من الرسوم في حالات معينة.
٥. انتظار الرد من الجامعة:
إذا استوفيت المتطلبات، ستتلقى عرض قبول (Offer Letter) يحتوي على تفاصيل الرسوم الدراسية.
٦. قبول العرض ودفع الرسوم:
- قم بدفع الرسوم الأولية لتأكيد مقعدك (تتراوح عادةً بين 1,300 إلى 6,500 دولار أمريكي).
- ستحصل على شهادة التسجيل الإلكتروني (CoE) اللازمة للتأشيرة.
٧. طلب تأشيرة الدراسة (Student Visa):
- قدّم طلبك عبر موقع الهجرة الأسترالي (Subclass 500).
- تحتاج إلى إثبات القدرة المالية (حوالي 13,500 دولار أمريكي سنويًا لتغطية المعيشة).
- رسوم التأشيرة: حوالي 430 دولار أمريكي.
- يجب أن تحصل على تأمين صحي للطلاب الدوليين (OSHC)، بتكلفة تتراوح بين 325 إلى 520 دولار أمريكي سنويًا.
٨. الاستعداد للسفر:
- قم بحجز تذاكر الطيران (تتراوح بين 650 إلى 2,000 دولار أمريكي حسب البلد).
- رتب السكن:
- السكن الجامعي: حوالي 65-200 دولار أمريكي أسبوعيًا.
- السكن الخارجي: حوالي 100-260 دولار أمريكي أسبوعيًا.
ملحوظة: إجمالي التكاليف يعتمد على الجامعة، التخصص، ونمط الحياة. ينصح بتحضير خطة أو ميزانية كافية وتجهيز الوثائق المالية لضمان الحصول على التأشيرة بسهولة.